تفسير سورة البقرة من الاية25 الى الاية 26

أثر القرآن
0

تفسير سورة البقرة

 ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

البقرة (25)

لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال ، عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله ، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة ، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء ، كما سنبسطه في موضعه ، وهو أن يذكر الإيمان ويتبعه بذكر الكفر ، أو عكسه ، أو حال السعداء ثم الأشقياء ، أو عكسه . وحاصله ذكر الشيء ومقابله . وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه ، كما سنوضحه إن شاء الله ؛ فلهذا قال تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار ، كما وصف النار بأن وقودها الناس والحجارة ، ومعنى ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : من تحت أشجارها وغرفها ، وقد جاء في الحديث : أن أنهارها تجري من غير أخدود ، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف ، ولا منافاة بينهما ، وطينها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر ، نسأل الله من فضله [ وكرمه ] إنه هو البر الرحيم .

وقال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان : حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك .

وقال أيضا : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .

وقوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : إنهم أتوا بالثمرة في الجنة ، فلما نظروا إليها قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل في [ دار ] الدنيا .

وهكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ونصره ابن جرير .

وقال عكرمة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : معناه : مثل الذي كان بالأمس ، وكذا قال الربيع بن أنس . وقال مجاهد : يقولون : ما أشبهه به .

قال ابن جرير : وقال آخرون : بل تأويل ذلك هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا ؛ لشدة مشابهة بعضه بعضا ، لقوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) قال سنيد بن داود : حدثنا شيخ من أهل المصيصة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء ، فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول : هذا الذي أوتينا به من قبل . فتقول الملائكة : كل ، فاللون واحد ، والطعم مختلف .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : عشب الجنة الزعفران ، وكثبانها المسك ، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها ، فيقول لهم أهل الجنة : هذا الذي أتيتمونا آنفا به ، فيقول لهم الولدان : كلوا ، فإن اللون واحد ، والطعم مختلف . وهو قول الله تعالى : ( وأتوا به متشابها )

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه بعضه بعضا ، ويختلف في الطعم .

وقال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، والربيع بن أنس ، والسدي نحو ذلك .

وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، في قوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) يعني : في اللون والمرأى ، وليس يشتبه في الطعم .

وهذا اختيار ابن جرير .

وقال عكرمة : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب .

وقال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ، وفي رواية : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء . رواه ابن جرير ، من رواية الثوري ، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش ، به .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وأتوا به متشابها ) قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا : التفاح بالتفاح ، والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا ، وأتوا به متشابها ، يعرفونه وليس هو مثله في الطعم .

وقوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى .

وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد .

وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم . وفي رواية عنه : لا حيض ولا كلف . وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك .

وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : المطهرة التي لا تحيض . قال : وكذلك خلقت حواء - عليها السلام - حتى عصت ، فلما عصت قال الله تعالى : إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة . وهذا غريب .

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثني جعفر بن محمد بن حرب ، وأحمد بن محمد الجوري قالا حدثنا محمد بن عبيد الكندي ، حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال : من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق .

هذا حديث غريب . وقد رواه الحاكم في مستدركه ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن محمد بن عبيد ، به ، وقال : صحيح على شرط الشيخين .

وهذا الذي ادعاه فيه نظر ؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به .

قلت : والأظهر أن هذا من كلام قتادة ، كما تقدم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وهم فيها خالدون ) هذا هو تمام السعادة ، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع ، فلا آخر له ولا انقضاء ، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام ، والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم ، إنه جواد كريم ، بر رحيم

 ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ )

البقرة (26)

قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة عن ابن مسعود - وعن ناس من الصحابة : لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) [ البقرة : 17 ] وقوله أو كصيب من السماء ) [ البقرة : 19 ] الآيات الثلاث ، قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال ، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله : ( هم الخاسرون )

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : لما ذكر الله العنكبوت والذباب ، قال المشركون : ما بال العنكبوت والذباب يذكران ؟ فأنزل الله [ تعالى هذه الآية ] إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) .

وقال سعيد ، عن قتادة : أي : إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئا ما ، قل أو كثر ، وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة : ما أراد الله من ذكر هذا ؟ فأنزل الله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها )

قلت : العبارة الأولى عن قتادة فيها إشعار أن هذه الآية مكية ، وليس كذلك ، وعبارة رواية سعيد ، عن قتادة أقرب والله أعلم . وروى ابن جريج عن مجاهد نحو هذا الثاني عن قتادة .

وقال ابن أبي حاتم : روي عن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد نحو قول السدي وقتادة .

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال : هذا مثل ضربه الله للدنيا ؛ إذ البعوضة تحيا ما جاعت ، فإذا سمنت ماتت . وكذلك مثل هؤلاء القوم الذين ضرب لهم هذا المثل في القرآن ، إذا امتلؤوا من الدنيا ريا أخذهم الله تعالى عند ذلك ، ثم تلا فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) [ الأنعام : 44 ] .

هكذا رواه ابن جرير ، ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، بنحوه ، فالله أعلم .

فهذا اختلافهم في سبب النزول ، وقد اختار ابن جرير ما حكاه السدي ؛ لأنه أمس بالسورة ، وهو مناسب ، ومعنى الآية : أنه تعالى أخبر أنه لا يستحيي ، أي : لا يستنكف ، وقيل : لا يخشى أن يضرب مثلا ما ، أي : أي مثل كان ، بأي شيء كان ، صغيرا كان أو كبيرا .

و " ما " هاهنا للتقليل وتكون بعوضة ) منصوبة على البدل ، كما تقول : لأضربن ضربا ما ، فيصدق بأدنى شيء [ أو تكون " ما " نكرة موصوفة ببعوضة ] . واختار ابن جرير أن " ما " موصولة ، وبعوضة معربة بإعرابها ، قال : وذلك سائغ في كلام العرب ، أنهم يعربون صلة " ما " و " من " بإعرابهما لأنهما يكونان معرفة تارة ، ونكرة أخرى ، كما قال حسان بن ثابت :

وكفى بنا فضلا على من غيرنا حب النبي محمد إيانا

قال : ويجوز أن تكون " بعوضة " منصوبة بحذف الجار ، وتقدير الكلام : إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها .

[ وهذا الذي اختاره الكسائي والفراء . وقرأ الضحاك وإبراهيم بن أبي عبلة ورويت " بعوضة " بالرفع ، قال ابن جني : وتكون صلة ل " ما " ، وحذف العائد كما في قوله : ( تماما على الذي أحسن ) [ الأنعام : 154 ] أي : على الذي أحسن هو أحسن ، وحكى سيبويه : ما أنا بالذي قائل لك شيئا ، أي : يعني بالذي هو قائل لك شيئا ] .

وقوله : ( فما فوقها ) فيه قولان : أحدهما : فما دونها في الصغر ، والحقارة ، كما إذا وصف رجل باللؤم والشح ، فيقول السامع : نعم ، وهو فوق ذلك ، يعني فيما وصفت . وهذا قول الكسائي وأبي عبيدة ، قال الرازي : وأكثر المحققين ، وفي الحديث : لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .

والثاني : فما فوقها : فما هو أكبر منها ؛ لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة . وهذا [ قول قتادة بن دعامة و ] اختيار ابن جرير .

[ ويؤيده ما رواه مسلم عن عائشة ، رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ] .

فأخبر أنه لا يستصغر شيئا يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة ، كما [ لم يستنكف عن خلقها كذلك لا يستنكف من ] ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في قوله : ( ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) [ الحج : 73 ] ، وقال : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) [ العنكبوت : 41 ] وقال تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) [ إبراهيم : 24 - 27 ] ، وقال تعالى : ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا ) الآية [ النحل : 75 ] ، ثم قال : ( وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل ) الآية [ النحل : 76 ] ، كما قال : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم ) الآية [ الروم : 28 ] . وقال : ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل ) الآية [ الزمر : 29 ] ، وقد قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) [ العنكبوت : 43 ] وفي القرآن أمثال كثيرة .

قال بعض السلف : إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )

وقال مجاهد قوله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) الأمثال صغيرها وكبيرها يؤمن بها المؤمنون ويعلمون أنها الحق من ربهم ، ويهديهم الله بها .

وقال قتادة : ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ) أي : يعلمون أنه كلام الرحمن ، وأنه من عند الله .

وروي عن مجاهد والحسن والربيع بن أنس نحو ذلك .

وقال أبو العالية : ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ) يعني : هذا المثل : ( وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) كما قال في سورة المدثر : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) [ المدثر : 31 ] ، وكذلك قال هاهنا : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين )

قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( يضل به كثيرا ) يعني : المنافقين ، ويهدي به كثيرا ) يعني المؤمنين ، فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالهم لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا ، من المثل الذي ضربه الله بما ضربه لهم ، وأنه لما ضربه له موافق ، فذلك إضلال الله إياهم به ويهدي به ) يعني بالمثل كثيرا من أهل الإيمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم ، لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به ، وذلك هداية من الله لهم به وما يضل به إلا الفاسقين ) قال : هم المنافقون .

وقال أبو العالية : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) قال : هم أهل النفاق . وكذا قال الربيع بن أنس .

وقال ابن جريج عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) يقول : يعرفه الكافرون فيكفرون به .

وقال قتادة : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) فسقوا ، فأضلهم الله على فسقهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثت عن إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد يضل به كثيرا ) يعني الخوارج

مأخود من تفسير ابن كثير  .

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)